إبراهيم الخليل.. الباحث الحق عن الحقيقة
قال تعالى: “وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً” (النساء: 125).
قبل أن تقرأ هذا الكتيب عليك أولاً أن تتأمل في تلك الآية التي تمتدح من يُسلم وجهه لله وهو محسن ثم تربط ذلك باتباع ملة إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، وكأن الآية كلها مديح في إبراهيم وحث على الاحتذاء به، وكيف لا وهو من أسلم وجهه لله وسمَّى أمة كاملة بالمسلمين مصداقًا لقوله تعالى: “…مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ…” (الحج:78).
والمتأمل في سيرة إبراهيم الخليل سيكتشف بالضرورة أنه لم يكن فقط أسوة حسنة في إسلامه وإحسانه، بل إنه كان كذلك أيضًا في بحثه عن الحقيقة، فقد تحلى بصفات وسار على نهجٍ سديدٍ أَولَى بالنظر والاقتداء، ومن ثم يحاول هذا الكتيب أن يستخرج من سيرة هذا النبي العظيم ما قد يعين كل سائر على الدرب، وكل متسائل عن الرب، فكانت هذه بعض الإضاءات التي أرشدنا إليها إبراهيم عليه السلام بعمله المخلص الدؤوب لا بالشعارات والمقولات الفارغة…
كن مخلصًا:
لابد أن تظهر أولا الإخلاص لله ولا يكن بحثك عن الحقيقة مجرد تكأة للتخلص من التزاماتك الدينية والأخلاقية واتباعًا لهواك، بل على العكس، فإن عليك أن تُسَخر كل حواسك وكل تركيزك على البحث عن إجابة لتساؤلاتك الكبرى: من أنا؟ وكيف خُلقت؟ ومن الخالق؟ وما العلامات الدالة على وجوده؟ ولك في الباحث المخلص سيدنا إبراهيم أسوة حسنة في إخلاصه ونيته الجادة في الوصول إلى الحق، وفي عقده العزم على ألا يترك تساؤلاته دون إجابات تُطمئن قلبه مهما كلفه الأمر.
اجعل شعارك “إني ذاهب إلى ربي سيهدين”:
فهذا هو الشعار الذي ينبغي أن تتبناه قبل تحطيم الأصنام وبعده، فأنت تبحث عن رب عظيم لن يتأخر عن إغاثتك وهدايتك إليه، بل سيتقرب منك أضعاف ما تتقرب إليه، حتى تصل إلى أن يملأ كل كيانك ويهدي قلبك، وهذا ما فعله إبراهيم عليه السلام؛ واجه بهذا الشعار قومه والدنيا بأسرها فانظر إلى أي مكانة قد وصل: إنه خليل الرحمن وأبو الأنبياء!